سفينه بلا قبطان
توشحت بالسواد الحزين
وتدثرت بهالات الظلام
والتفت كومات الضباب على مقدمتها ومؤخرتها
وعلى اشرعتها غنت اشباح الهم والبعاد
فأصبحت مهجورهـ , مخيفه , مسكونه بذكريات ٍ ولت ومضت
على دفتها اكوام ُ من شباك العناكب الحريريه
وعلى مقدمتها كتابات ُ كُتبت بالدم , كُتبت بالدمع , كُتبت من آهات القهر والهجران.
سفينه بلا قبطان
تلاعبت بها امواج البحر اللُجيه , حتى اوصلتها لمرسى الآهات
توقفت طيور النورس على صاريتها , وغردت بصوتها لاعل وعسى احد ُ يجيبها
فلم يلبي ندائها احد
وفي تلك المقطورة المتدثرهـ بالغبار , خرج من زواياها نور ُ غريب
اهو نور القناديل الممتلئه بالهجران , ام شمعة ُ شاعر اشعلها كي ينثر آهات الزمان بصفحته
لا , ماهذا !!
إنها نور روح ٍ خرجت من الماضي , ازهقتها الذكريات , اماتتها حوادث العصر , حتى خرجت من بين الف روح ٍ وروح , تبدوا عليها علامات الشوق , وتعتلي جباهها هموم ُ متراكمه , وتحمل على راحتيها كتاب ُ تمزقت اوراقه وتشقق غلافه
فياروح , ماذا بك ؟
ماذا حصل ؟
سفينه بلا قبطان
تكلمي , انثري همومك بين ميزان الزمان , فسوف ينصفك ويعطيك
انطقي , اذكري الماضي وانحتي آهاته في صدور الحاضر , حتى يهديك
لاتقولي سئمت
لاتأخذك الشكوك
فتنظر الروح للسماء بعدما كانت ملقية ً نظرها للأسفل , وترفع نظراتها الحزينه للسماء بعيون ٍ امتلئت بالدموع
وتقول : كنت ابتسم كالطفل الوليد , كنت ارش رذاذ الحب على ارجاء الزمان القاسيه , كي يستيقظ النور والنهار
كنت اسقي زهور العشاق من ثغر الوصل واللقاء , حتى تتفتح في غير وقتها , وتحيا في قلب من يقطفها
كنت اغني كطير ٍ يغرد على اغصان الشجر بربيع الحب , واجمع قطرات الندى واهديها لأصوات الأحباب
اهديت قلبي وجعلت نبضات قلبي تخفي صوتها كي لاتزعج من اهديتهم
اعطيت وطني بين ايديهم حتى اصبحت بلاوطن , بلا هويه , بلاسكن , بلا ضاحك ُ يضحكني وبلا صاحب يصحبني
عانيت من لوعة الأشواق , وحرقة الفراق , وغصت في اعماق البحار ابحث عن لؤلؤة العشاق , فيالها من معاناة عشتها
ويالها من هموم حملتها على متني حتى اتعبتني وارهقتني .
بالصبر تجاوزت المستحيل , حتى تفجرت الينابيع من الصحاري , وعزفت بشفاهي اجمل الألحان , وخاطبت زهور الحسناوات حتى تعجبت مني , وساهرت القمر وتزملت ُ بنورهـ , وسيرت الجميع بداخل دمي وجسمي العليل الفاني
واهديت آكاليل الزهور والورود لحزين الهواء وسجينه , وقيدت الحزن من كفتيه وتمكنت منه
حتى هرمت , وعجزت , ومن تصاريف الدهور سئمت , انتظرت الغنيمه فلم تأتيني , اقترب اجلي وانا بساعة انتظاري انتظر , شابت شعرات شعري وتحولت للبياض وانا ارتقب , وتنهدت اضلعي بتنهيدة الموت حتى زهقت روحي مني
فلجأت إلى خالقي وسفنيتي , كانت ارواحها سعيدهـ , كانت تعج بالفرح والأبتسامه على محيا طاقمها , كنت على عرشها متربعا ً جالسا ً متهندما ً بأجمل الحلل واثمنها , كنت حابسا ً نفسي بين اصدقائي وبين السعادهـ والأمل
حتى ماتوا , وذهب نورهم ولاحوا , وتعطرت ارواحهم بعطر الحزن والشوق وفاحوا , وانا بقيت بين الفصول الأربعه محاصرا ً ومقيدا ً بالماضي الكئيب , ومات قلبي ومازلت مقررا ً القتال , وبالرغم من قناعتي ودرايتي بأن قلبي سوف يلاقي مصرعه فقد بقيت روحا ً بلاجسد , واملا ً بلا حاضر , وبسمة ً بلا اهل
وسفينة ً بلا قبطان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق